“ياخي ليش لا”
قالها زميل لي عندما كنّا نناقش حضور ورشة عمل أُعلن عنها في أحد المؤتمرات السنوية.
ما شدّني هو أن الموقف ذاته تكرر العام الماضي مع نفس الزميل: حينها كان هذا الزميل يحضر أي ورشة عمل متاحة يقابلها في المؤتمر، نفس المؤتمر السنوي الذي نحن بصدده الآن.
بينما كنت أنا في الجانب المتشكّك من حضورها. لكن سؤاله الاستنكاري تكرر هذه السنة أيضًا: “ليش لا؟”
كثيرًا ما نواجه مواقف وقرارات لسنا متأكدين إن كان ينبغي أن نخوضها أم لا. فتأتي الفكرة: “خليني أجرب… ليش لا؟” لتدفعنا بجرعة شجاعة.
هذا المنطق يبدو في ظاهره منطقيًا: ما دمت لا أخسر شيئًا، لماذا لا أجرب؟
لكن الحقيقة أن هذا النوع من التفكير قد يكون عرضًا لمرض كامن وهو “التوهان”.
التوهان هو غياب الوجهة، وغياب الوجهة يعني أن الشخص يدور حول نفسه في دوامة من الـ “ليش لا؟” دون أن يصل إلى مكان محدد وواضح.
الوجهة تغيّر السؤال
عندما تكون لديك وجهة واضحة، يتغير السؤال من “ليش لا؟” إلى “ليش إيوة؟”.
عندها تصبح أي فرصة جديدة لا تقاس بمجرد فضول التجربة، بل تُوزن بميزان التوجّه: هل تخدم مساري؟ هل تقرّبني من هدفي؟ إن لم تفعل، فالرفض هو القرار الأصح.
- “ليش لا” تُدرّبك على القبول المستمر دون تمييز.
- “ليش إيوة” تُدرّبك على الحسم، وعلى رفض التشويش والمشتّتات.
تخيّل أنك تسلك طريقًا نحو وجهة محددة، ووقتك محدود للوصول إليها. فإذا توقّفت عند كل مفترق أو محطة لتقول:
“لماذا لا؟ دعني أجرّب”، ستجد نفسك في مسارات متفرّقة تستهلك وقتك وجهدك، وتزيدك بُعدًا عن الوجهة التي قصدتها منذ البداية.
في مواقف مثل موقف المؤتمر، يصيب الإنسان درجة من الضغط النفسي عندما يرى الكثير من الـ “ليش لا” يذهبون هنا وهناك.
لكن هذه المرّة، عندما طبّقت مبدأ “ليش إيوة؟” لم أجد في هذه الورش ما يناسب توجّهي.
عندها قرّرت أن أستثمر وقتي في عملٍ أكثر قيمة لتوجّهي العام: كتابة هذا المقال!
المصادر محدودة… فاحفظها
في الواقع، نحن نملك مصادر محدودة: وقت، طاقة، تركيز، جهد.
فلا تهدرها على عشرات الـ “ليش لا”. اجعل مسارك أوضح بـ “ليش إيوة”.
في Office Station، أدركنا هذا عندما تخلّينا عن كثير من “ليش لا”:
- “ليش لا، نضيف هذا المنتج لقائمتنا؟”
لكن السؤال الأصح كان:
- “ليش إيوة نضيف هذا المنتج؟ هل يتماشى مع الاحتياجات المميزة لعملائنا المميّزين؟ هل ينسجم مع براند Office Station؟”
وإذا كان لا، فالجواب: لا.
وأنت، عزيزي القارئ، لم تفتح هذه المقالة لأنها “ليش لا”!
بل لأنها ستضيف لك منظورًا مختلفًا وجديدًا.
الكاتب: عبدالله الزهراني
تحرير وإعداد: إنعام مصطفى
2 Responses
أحسنت يا دكتور.. كلمة خلينا نجرب تحمل عوامل الفشل من البدايه لغياب الاصرار والرغبه الحقيقيه
ماشاءالله تبارك الله
زادك الله علم ونور وتميّز يادكتور ❤️
الله يحفظك