المبدأ الشائع في علم الاقتصاد يقول إن “محدودية الموارد” هي العامل الأساس في قيمة الأشياء. لكن طرحًا آخر قدّمه جوليان سايمون يرى أن هذه النظرة غير مكتملة، فهناك عاملٌ يحكم كل التفاعلات الاقتصادية: الوقت.
الوقت هو جوهر المقايضة الاقتصادية. فالإنسان يقايض وقته في كل معاملة: المنتجات لا تولد من فراغ، بل من شبكة واسعة من العاملين والمتخصصين الذين ينفق كلٌ منهم جزءًا من وقته عبر مراحل الإنتاج. حتى أنت -عزيزي القارئ- تقايض وقتك مع جهة عملك.
وعلى خلاف الموارد الأخرى، الوقت يتناقص دائمًا، ولا يعود.
قد يزيد عرض السلع، وقد ينقص المال ويزيد، لكن رصيد الوقت لا يتحرّك إلا في اتجاهٍ واحد: الهبوط المستمر.
تخيّل – على سبيل الافتراض – أنك “من المنظرين، تملك وقتًا لا محدودًا وعالمًا لا ينتهي. ستكتشف أن قيمة معظم الأشياء ستهوي إلى القاع؛ فكل شيءٍ يمكن بلوغه إن طال الزمن وكثرت المحاولات. هذه الفكرة تُذكّرنا بحقيقة عملية كثيرًا ما نغفلها عند اتخاذ قراراتنا: في ماذا ننفق ونقايض أهم مواردنا؟
“كم يساوي وقتك؟”
واجهتُ هذا السؤال مؤخرًا عندما حصلت على عرض وظيفي مغرٍ ماديًّا. نصحني كثيرون بقبوله رغم ما يتطلبه من جهدٍ إضافي، بحجّة أن الفارق المالي يستحق مقايضة مزيدًا من الجهد. لكنني وأنا اقلّب العرض في ذهني، سألت نفسي: كم يساوي وقتك؟
تذكّرت اوّل مقالة كتبتها في مدوّنة Office Station عن مبدأ “تكلفة الفرصة”، وبدأت أُقيّم المقايضة على نحوٍ أدق: ساعاتٌ طويلة سأصرفها بعيدًا عن أعمالٍ أعدّها عالية القيمة لدي — مثل كتابة هذه المقالات — مقابل عائد مالي أكبر.
وهنا يصبح السؤال الحقيقي هو: هل تعادل الزيادة المالية تكلفة الوقت المسحوب من نشاطاتٍ تصنع لي معنى طويل الأمد؟
دعوة قصيرة
ندعوك في Office Station إلى مقايضةٍ صغيرة: دقائق من وقتك القيّم مقابل مساعدتنا على تحسين تجربة القراءة في مدوّنتنا. أرسل لنا ملاحظاتك واقتراحاتك — فكلّ دقيقةٍ منك ومن باقي القرّاء تساوي الكثير.
الكاتب: عبدالله الزهراني
تحرير وإعداد: إنعام مصطفى
