المعاناة من انحناء الكتفين وآلام الظهر وتشنجات الرقبة هي نتيجة حتمية للجلوس ساعات طويلة وراء شاشة الحاسب. لكن ومع تغير نمط الحياة والتوجه لاتباع أسلوب حياة صحي أثناء العمل، لم يعد المكتب التقليدي هو الخيار الوحيد الذي لا مفر منه. أحد هذه الخيارات هو مكتب الوقوف أو المكتب المتحرك الذي أحدث تغييراً كبيراً في نظرتنا للمكتب وكيفية تفاعلنا معه واستخدامنا له.
مكتب الوقوف أو المكتب المتحرك ببساطة شديدة هو المكتب الذي يتيح لك العمل بوضعية وقوف مريحة فهو مرتفع بما يكفي ليساعدك على أداء عملك واقفاً.
أصبح هذا النوع من المكاتب شائعاً عند الكثير من مستخدمي الحواسب، حيث صُمِّمَت هذه المكاتب لتحسين أداء العمل ككل وضمان تحقيق الأهداف اليومية دون معاناة من الآلام المزمنة خلال ساعات العمل. هذا النوع يفسح لك مجال التحرك بسهولة وحرية ضمن محيطك بعكس كرسي المكتب التقليدي الذي يقيدك في مكانك ويجعل من فكرة النهوض صعبة للغاية. أضف إلى ذلك أن مكتب الوقوف أو المكتب المتحرك يأتي بعدة أشكال مع إمكانية تصميمه حسب الطلب حيث يحتوي على أجزاء يمكن تعديلها لتدعم وضعية الوقوف السليم والصحة الجسدية مما يجعل من الحياة العملية أسهل وأكثر إنتاجية.
أهم الفوائد المباشرة عند استخدام مكتب الوقوف
الجلوس لساعات طويلة يومياً من شأنه إلحاق الأذى بجسدنا وبالتالي التسبب بمشاكل صحية خطيرة سوف تؤدي بدورها إلى عرقلة الإنتاجية في العمل. الكثير من الموظفين ممن يعانون من أمراض مثل السكري والبدانة وأمراض القلب يجلسون لساعات طويلة وراء مكاتبهم كل يوم. ندرج فيما يلي أهم سبع فوائد تدعوك إلى المسارعة لتبديل مكتبك التقليدي بمكتب وقوف أو مكتب متحرك:
1- رفع مستوى الإنتاجية
لا تعمل مكاتب الوقوف أو المكاتب المتحركة على تحسين الصحة الجسدية فحسب، وإنما تساعد أيضاً على تحسين الصحة النفسية وبالتالي زيادة الإنتاجية. فقد أظهرت الأبحاث أن الوقوف لساعة واحدة فقط يساعدك على زيادة الإنتاجية وتقليل الإرهاق. حالما تعتاد الوقوف، ستجد أنك تستطيع العمل لساعات أطول وبكفاءة أكبر. تنوع الوضعيات من شأنه كذلك أن يساعد في كسر رتابة الجلوس طوال اليوم، وهذا بدوره يمنحك قدرة المحافظة على التركيز وبقاء التحفيز بأعلى مستوى. إن قضاء المزيد من الوقت واقفاً يشجعك على الحركة أكثر ويجعل من السهل الانتقال بين المهام بعكس الجلوس طوال اليوم. من جهة أخرى، من الصعب أن يبقى جسدك بوضعية معينة لوقت طويل لأن ذلك يؤدي إلى التيبس والإرهاق ويقلل الإنتاجية. تتيح لك مكاتب الوقوف أو المكاتب المتحركة سهولة التنقل وتحريك ساقيك وأيضاً تغيير الوضعيات خلال اليوم ما بين الوقوف والجلوس، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى تحسين مستوى طاقتك ومزاجك وأدائك.
2-تحسين وضعية الوقوف
إن استخدام مكتب وقوف أو مكتب متحرك مع بيئة العمل المناسبة سوف يساهم في تحسين وضعية الوقوف أثناء العمل. فيما يلي بعض النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء العمل:
- أن تكون الشاشة على مستوى نظرك وأن تبعد حوالي 20 إنش (50 سم) عن وجهك مع زاوية ميلان بعشرين درجة.
- أن تثني ذراعيك بزاوية 100 درجة على جانبيك.
- أن يتموضع كِلا الرسغين على لوحة المفاتيح بأريحية.
- نقل ثقل وزنك من قدم إلى أخرى مع المباعدة بينهما أثناء الوقوف بمسافة 11 إنش (30 سم) .
هذه الأمور من شأنها أن تعيد استقامة الكتفين والرقبة وفرد كامل العمود الفقري وبالتالي استعادة وضعية الوقوف السليمة.
3- مكتب الوقوف يُحِدُ من آلام الظهر
أول ما يخطر في بالك الآن أن آلام الظهر ناتجة عن الجلوس الطويل. هذا صحيح، ولكن لا يجب عليك أن تتعايش أو تتقبل هذا الأمر كجزء لا يتجزأ من العمل. في حال وجود كرسي مريح مُصَمَّم مع وسادة تدعم أعلى وأسفل الظهر بالإضافة إلى تخصيص فترات من الوقوف أثناء العمل، فإن هذا على الأرجح سيخلصك من آلام الظهر الطفيفة. فعندما تقف يكون العمود الفقري في وضعه الطبيعي مما يساعد على التقليل من آلام الظهر، لكن الجلوس لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى اختلاله وهذا سوف يسبب الألم والإرهاق. تساعد مكاتب الوقوف أو المكاتب المتحركة على تصحيح هذا الوضع من خلال تقليل آلام الظهر والإنزعاج بسبب الجلوس الطويل.
4- مكتب الوقوف يزيد من حيويتك
من فوائد الحركة مهما كانت بسيطة – مثل الوقوف – تحفيز النشاط أثناء النهار وبالتالي البقاء في حالة يقظة وانتباه. عند الإحساس بالتثاقل أو الشعور بالنعاس خلال اليوم، تصبح إضافة فترات وقوف قليلة بين الحين والآخر ضرورية لأنها سوف تساعدك على استعادة طاقتك وحماسك. جرب التفكير والعمل بوضعية الوقوف وستجد أن أداءك قد أصبح أفضل. الوقوف والحركة على فترات متقطعة خلال اليوم سيزيد من مستويات الطاقة بشكل عام، ويمنع الركود الذي يحدث في منتصف فترة ما بعد الظهر.
5- تحسين المزاج وزيادة التركيز
يساعد الوقوف على تحسين المزاج وزيادة التركيز والإنتاجية خاصةً إذا كنت ممن يقضون ساعات طويلة في العمل. فالوقوف يحفز الدورة الدموية مما يعني إرسال المزيد من الأكسجين والعناصر الغذائية إلى الدماغ. بينما يعمل الجلوس على إبطاء الدورة الدموية والتأثير سلباً على تدفق الدم خلال دقائق معدودة. تشجع الحركة كذلك على تكوين الخلايا العصبية (تشكيل خلايا دماغية جديدة)، خاصةً في المناطق الدماغية المرتبطة بالتفكير النقدي والتحليلي. ففي الوقت الذي تؤثر فيه عشر دقائق فقط من الجلوس سلباً على الدورة الدموية، بالمقابل كل ما تحتاجه هو عشر دقائق من الوقوف لزيادة التركيز. عندما تكون أكثر تركيزاً سوف تتمكن من العمل بكفاءة أكبر وإنجاز أعمال أكثر.
6- حرق السعرات الحرارية
تساعد وضعية الوقوف على حرق سعرات حرارية أكثر من وضعية الجلوس حتى لو كنت واقفاً دون حراك. حيث أظهرت الدراسات أن الوقوف طوال فترة ما بعد الظهر لمرة واحدة يستهلك أكثر من 170 سعرة حرارية، هذا يعني أكثر من 1000 سعرة حرارية إضافية كل أسبوع دون القيام بالتمارين الرياضية أو نشاطات أخرى. حرق المزيد من السعرات الحرارية سوف يساعد بدوره على الحد من مخاطر السكري واكتساب الوزن بأقل مجهود.
الفائدة الأخرى من حرق السعرات الحرارية في وضعية الوقوف أثناء العمل تتجلى في تغيير طريقة تفكيرك. سوف يصبح عقلك أكثر ميلاً للبقاء ضمن “وضع السلامة الصحية” أثناء الوقوف لأنك غالباً ما ستتجول في الأرجاء أثناء النهار.
7- تنشيط الدورة الدموية
يساعد الوقوف على تحسين عضلات الساقين والتوازن وتقوية الجذع، كما أنه يقي من تشكل التجلطات الدموية في الساقين. عند الجلوس لوقت طويل (كما يحصل في الرحلات الجوية) قد يحدث تباطؤ في تدفق الدم وبالتالي تجمعه في الساقين وهذا يؤدي في أسوأ الاحتمالات إلى حدوث جلطة. يعمل الوقوف على تحريك الساقين وبالتالي تدفق الدم في كامل الجسم. بالتالي، استخدامك لمكتب الوقوف أو المكتب المتحرك سيمكنك من تنشيط الدورة الدموية ويتيح لك التحرك أكثر وهذا بدوره سيحسن من جريان الأكسجين إلى عضلاتك ودماغك، على عكس الجلوس الطويل الذي يمكن أن يؤدي إلى إضعاف الدورة الدموية الأمر الذي قد يسبب التجلطات في الأوردة.
بعد استعراض جميع هذه الفوائد لن تتردد بالتحول إلى أسلوب العمل واقفاً لأن اختيار مكتب الوقوف أو المكتب المتحرك المناسب لك يُعد من أذكى الاستثمارات التي يمكن أن تقوم بها على الصعيدين الشخصي والعملي. سوف تستشعر هذه الفوائد بشكل مباشر على صحتك النفسية والجسدية وحياتك المهنية من حيث تسهيل الحركة وتخفيف الضغط عن أسفل الظهر وإعادة العمود الفقري إلى وضعيته الصحيحة وتسريع حرق السعرات الحرارية، مما يؤدي إلى تركيز أكبر وبالتالي أداء أفضل وإنتاجية أعلى.