لنتخيل معاً الموقف التالي: بينما أنت جالس في مكتبك منهمك بأداء مهمة ما، يتصل أحد الأصدقاء ليطلب نصيحتك بخصوص مشروع يعمل عليه، مع وصول خمس رسائل بريد الكتروني دفعة واحدة، بالإضافة إلى حديث لا ينتهي لأحد زملائك في المكتب عن مشاكله العائلية. هل سيكون بوسعك التركيز في العمل ضمن هذا المحيط؟ لحسن الحظ أنك لست الوحيد الذي يمر بهذه المعاناة!
تعتبر مشكلة التشتت وعدم التركيز أحد أبرز الإشكاليات الموجودة في مجالات العمل، وهذا الأمر يعتبر من الفوارق الواضحة بين الأشخاص أصحاب الإنتاجية والكفاءة العالية والنجاح في العمل ومن هم أقل من ذلك والسبب يعود لمعرفة كيفية استغلال الوقت والجهد وتجنب المشتتات التي تعيق عن إنجاز الأهداف في أوقاتها سواء كانت المشتتات شخصية أو من البيئة المحيطة.
لذلك سنقدم لك في هذا المقال بعض من النصائح البسيطة والفعالة لمساعدتك في الحفاظ على تركيزك أثناء العمل وبالتالي يمكنك أن ترتقي بكفاءتك وإنتاجيتك المهنية والعملية. لكن أولاً عليك أن تعرف ما هو السبب الرئيسي الذي يشتت انتباهك.
لماذا لا أستطيع التركيز في العمل؟
إليك بعض الأسباب الشائعة التي يمكن أن تؤثر على التركيز في العمل:
- الأرق وقلة النوم
- اتباع نمط حياة مرهق
- اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
- الاكتئاب والتوتر
- الملل
عندما تعرف بالضبط سبب عدم قدرتك على التركيز، ستتمكن عندها من اتباع التقنيات الصحيحة وتطبيقها على أكمل وجه.
إليك الآن بعض التقنيات والنصائح العملية لمساعدتك على زيادة التركيز:
1-الاستغراق بالعمل
قبل أن تُلقي باللوم على الآخرين خذ دقيقة من وقتك لتقييم إنتاجيتك، هل أنت مستغرق حقاً بالمهام التي تقوم بها؟
يُقصد بالاستغراق تلك الحالة الذهنية التي نشعر فيها بأننا نمتلك السيطرة التامة على الوضع وننفذ المهام بسلاسة دون عناء مع تحقيق أعلى مستويات الأداء. تم اكتشاف هذه الحالة من قبل الباحثين في جامعة شيكاغو حيث أفادوا بإمكانية تحسينها من خلال تقوية قدرتنا على التركيز. لتتمكن من الاستغراق في العمل، حاول أن تكون أكثر حماساً تجاه المهمة التي بين يديك وركز كل طاقتك للعمل على أمر واحد فقط. أحد الأساليب المتبعة للدخول في هذه الحالة الذهنية هو العمل عند اقتراب موعد التسليم النهائي، ذلك لأن الإحساس بالإلحاح سوف يوجه عقلك للعمل بكفاءة أكبر.
2-لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد
جميعنا نميل للماطلة والتأجيل أحياناً لكن المشكلة تكمن بتكرار المماطلة إلى ما لا نهاية واستمرار تأجيل العمل إلى اليوم التالي. لنفترض أنك قررت غداً القيام بعمل كان يجب أن تنجزه اليوم، ستكون منزعج ضمنياً نتيجةً لذلك ويصبح من الصعب عليك التركيز في المهمة التي بين يديك. أسهل طريقة للتوقف عن المماطلة هي البدء بتحديد إطار زمني لإنجاز المهام. لتكون هذه العملية أكثر تشويقاً، يمكنك مكافأة نفسك عند الانتهاء من إنجاز تلك المهام.
3-وضع خطة لكل ساعة من العمل
هناك العديد من الفوائد التي ستحققها نتيجة هذا التخطيط المسبق:
- ستعرف تماماً ما الذي يجب إنجازه مع نهاية اليوم.
- ستضع توقعات حقيقية ليومك بما أنك ستتوقع مقدار الوقت الذي تحتاجه لإتمام كل واحدة من المهام.
- ستعرف ما يجب عليك القيام به تالياً بعد الانتهاء من كل مهمة.
- ستتمكن من تحديد المهام ذات الأولوية والقيام بالمهام التي تتطلب مستوى أعلى من الطاقة في الفترة الصباحية.
4- إنجاز مهمة واحدة في كل مرة
البشر غير متساوون فيما يتعلق بمهارات تعدد المهام، ومع ذلك تجد غالبيتنا يقع فريسة هذه الفكرة مما يؤدي إلى نتيجة مخيبة للآمال. حيث وجد بحث أجرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن القفز المستمر بين المهام المتعددة يقلل من فرص إنجاز أي واحدة منها في الوقت المحدد. وسوف ينتهي بنا المطاف إلى إضاعة الوقت وفقدان التركيز واقتراف المزيد من الأخطاء في العمل.
5-ترتيب مكان العمل
يتأثر الدماغ فوراً بالأشياء الموجودة أمامه أو القريبة منه. لذلك إذا كان مكتبك تعمه الفوضى، فلن تشعر إلا بالتشتت والضياع طوال اليوم. الحفاظ على مكتبك نظيف ومنظم سيأخذ منك القليل من الوقت ولكن ذلك سيكون له أثر هائل في الحفاظ على تركيزك ورفع مستوى إنتاجيتك.
6- الابتعاد عن شبكات التواصل الاجتماعي
رؤية الهاتف أمامك على المكتب سيحرض لديك رغبة ملحة لإمساكه والتحقق من التحديثات التي يقوم بها أصدقاؤك على وسائل التواصل الاجتماعي لتمنح ذهنك بعض الراحة. إلا أن ذلك سوف يستنزف طاقتك أكثر لأنك سوف تنشغل بالكثير من الأخبار والأمور الجانبية. لهذا يستحسن إغلاق إشعارات تطبيقات التواصل المختلفة وغيرها من التطبيقات التي ترسل إشعارات منتظمة.
7-أخذ فترات استراحة
عندما تصل إلى مرحلة في العمل تعجز فيها عن التركيز، فإن أخذ استراحة قصيرة هي أفضل ما يمكن أن تقوم به. أدمغتنا غير مهيأة للحفاظ على التركيز لساعات طويلة، كما أن الجلوس إلى مكتبك والتحديق في الشاشة لوقت طويل سيصيبك بالخمول والإرهاق والصداع. لذلك يُنصح بأخذ فترات استراحة قصيرة بعد كل ساعة من العمل المتواصل.
8-عزل الضجيج المحيط
من المستحيل أن يؤدي جميع الموظفين أعمالهم بهدوء تام في مكان العمل. من الطبيعي أن تكون هناك حاجة لمناقشة بعض المسائل الهامة مع بعضهم البعض، لكن سرعان ما تصبح هذه الثرثرة مزعجة بالنسبة لك. أسهل طريقة لحجب هذا الضجيج هي ارتداء السماعات والاستماع بشكل خافت إلى الأصوات الطبيعية الهادئة مثل صوت أمواج البحر أو حفيف الأشجار أو هطول المطر.
9- اختيار كرسي مكتب مريح
قد يبدو هذا الأمر مجرد تغيير صغير إلا أن كرسي المكتب المريح يمكن أن يصنع فارقاً كبيراً بمستوى أدائك للعمل. الجلوس على كرسي لا يدعم ظهرك سوف يعرضك لآلام الظهر وستشعر بالتعب بشكل أسرع. كرسي المكتب المثالي يجب أن يدعم أسفل الظهر ويعزز من وضعية الجلوس الصحيحة ويساعدك على التخلص من ألم الظهر.
10-التقليل من المنبهات
من غير المتوقع أن تقتنع بتقليل مقدار القهوة الذي تستهلكه أثناء العمل، لأنه يُفترض أن يزودك بطاقة إضافية أثناء اليوم. لكن هناك جانب آخر لهذا الأمر، فالكثير من القهوة يمكن أن يصيبك بالتعب. شرب الكثير من المنبهات قد يؤدي إلى الدوار والإصابة بالأرق مما يزيد من صعوبة التركيز. حاول استبدال أكواب القهوة اليومية بالماء لتحافظ على صحتك وبالتالي زيادة تركيزك وإنتاجيتك.
11- تنظيم البريد الالكتروني
يُعتبر البريد الإلكتروني من أكثر الأمور تشتيتاً لللانتباه، حيث أجرت صحيفة نيويورك تايمز بحثاً وجدت فيه أن تفقد البريد الإلكتروني بوتيرة أقل مفيد للصحة. لذلك يُنصح بتفقد البريد كل ثلاث ساعات وتخصيص بريد إلكتروني شخصي وآخر للعمل وتصنيف البريد بحسب الأولوية. هذا سيوفر عليك الكثير من الوقت والجهد ويحافظ على تركيزك في العمل.
12-الاستعانة بتطبيقات التدريب على التركيز
في بعض الأحيان يستحيل التركيز على العمل عندما تستنزف طاقتنا العديد من الأمور. قد تتفاجأ بوجود الكثير من الأدوات وتطبيقات الجوال وبرامج إدارة العمل التي تستطيع مساعدتك فعلاً على التركيز بشكل أفضل. صُممت هذه التطبيقات بطريقة تساعدك على استجماع أفكارك والعمل على الأمور الأهم. من التطبيقات الشائعة في هذا المجال Brain.fm و Concentrate و Headspace 2.0 وغيرها الكثير.
في النهاية، تذكر دائماً أن قدرتك على التركيز أشبه بالعضلة، كلما دربتها أكثر ستتطور على نحو أفضل. قد يكون ذلك صعباً في البداية لكن مع الممارسة والمثابرة ستتمكن من تدريب ذهنك على التركيز أكثر. والآن أصبحت الأدوات المطلوبة لزيادة التركيز في العمل بين يديك. اتبع الخطوات المذكورة أعلاه وسوف تتمكن من تحسين تركيزك والوصول إلى مستوى جديد من الإنتاجية في حياتك العملية. علاوةً على ذلك، هناك الكثير من النصائح القيّمة والمعلومات المفيدة حول زيادة النشاط ورفع الانتاجية وتحسين بيئة العمل يمكنك الاستفادة منها عن طريق زيارة موقعنا أو متابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي.