تزايدت شعبية العمل عن بُعد في السنوات الأخيرة لدى الشركات والموظفين وأصحاب الأعمال الحرة على حد سواء. ومع التطورات التي طرأت على التكنولوجيا، أصبح من الممكن الآن إنجاز الكثير من الأعمال من أي مكان في العالم وبمختلف الاوقات. وفي الوقت نفسه أصبحت الحياة الشخصية في مجتمعنا تسير بخطى متسارعة، فساعات العمل الطويلة والتواصل المستمر عبر مختلف الوسائل التكنولوجية جعل من الصعب فصل العمل عن الحياة الشخصية. لذلك أصبح تحقيق التوازن بين الحياة العملية والشخصية ضروري للوصول إلى النجاح المتكامل.
سوف نستعرض في هذا المقال فوائد العمل عن بُعد، وبعض الطرق التي تساعد على تحقيق التوازن بين الحياة العملية والشخصية.
العمل عن بُعد؟
يشير مصطلح العمل عن بُعد إلى ترتيبات العمل التي تمكّن الموظف من إنجاز العمل في المكان الذي يريده وعادةً ما يكون من المنزل. بفضل الوسائل التكنولوجية المختلفة أصبح بوسع الموظفين البقاء على تواصل مع زملائهم وأداء واجباتهم الوظيفية من أي مكان في العالم.
فوائد العمل عن بُعد بالنسبة للموظفين
زيادة المرونة
تُعتبر زيادة المرونة إحدى أهم فوائد العمل عن بُعد لأنك ستتمتع بمطلق الحرية للعمل من أي مكان طالما لديك اتصال جيد بالإنترنت. هذا يعني أنك تستطيع العمل من المنزل أو من مكتب مشترك أو من المقهى أو حتى أثناء السفر. أضف إلى ذلك، أن العمل عن بُعد يتيح لك وضع الجدول الزمني الأنسب لك بحيث تعمل في الأوقات التي تكون فيها أكثر إنتاجية وتأخذ استراحات عند الحاجة.
تحسين التوازن بين الحياة الشخصية والعملية
يساعد العمل عن بُعد كذلك في تحسين التوازن بين عملك وحياتك الخاصة. سوف توفر الوقت والجهد المبذولين للتنقل من وإلى المكتب، وهذا يعني توفير وقت أطول لتقضيه مع عائلتك أو لتمارس هواياتك أو حتى لتسترخي فقط. إضافةً إلى ذلك، يساعد العمل عن بُعد على تقليل التوتر لأنه سيخلصك من مسألة الاندفاع بسرعة للوصول إلى المكتب أو شق طريقك وسط الزحام.
توفير النفقات
يساهم العمل من المنزل في توفير النفقات التي تصرفها على أشياء مثل المواصلات والطعام الجاهز وملابس العمل، وبذلك ستتمكن من توفير المال وتحسين وضعك المادي العام.
تحسين الصحة
للعمل عن بُعد تأثير إيجابي على صحة الموظف. ذلك لأنه سيخلصك من التوتر الذي يسببه الذهاب إلى مكان العمل والابتعاد عن المشتتات الموجودة في بيئة العمل، مما يساعدك في التركيز أكثر على العمل والحفاظ على توازن صحي بين العمل وحياتك الشخصية.
فوائد العمل عن بُعد بالنسبة لأصحاب العمل
زيادة الإنتاجية
أظهرت الدراسات أن مَن يعملون عن بُعد أكثر إنتاجية من نظرائهم الذين يعملون في المكتب. هذا يرجع إلى مجموعة متنوعة من العوامل تتضمن قلة المشتتات وإمكانية إنشائك لبيئة عمل مصممة خصيصاً لك.
توفير النفقات
يعود العمل عن بُعد بالفائدة على أصحاب العمل من خلال تقليص النفقات العامة. لن يكون هناك حاجة لوجود مقر للعمل وبالتالي سيتمكن أصحاب العمل من توفير المال المدفوع للإيجار والمرافق وغيرها من النفقات.
الوصول إلى عدد مواهب أكبر
يتيح العمل عن بُعد لأصحاب العمل الوصول إلى عدد أكبر من المواهب، ذلك لأن إمكانية تعيين موظفين من أي مكان في العالم ستمكن أصحاب العمل من العثور على أفضل مرشح لهم بغض النظر عن موقعه.
تحسين معدل الاحتفاظ بالموظفين
غالباً ما يكون الموظفين عن بُعد أكثر رضاً عن عملهم ويتمتعون بتوازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية. هذا سيؤدي بالتالي إلى تحسين معدلات الاحتفاظ بالموظفين والذي سيوفر على أصحاب العمل الكثير من الوقت والمال لتعيين وتدريب موظفين جدد.
أهمية الموازنة بين العمل والحياة الاجتماعية
تحسين الصحة النفسية
تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية له تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية. ذلك لأن ساعات العمل الطويلة وضيق وقت مواعيد تسليم العمل والضغط الدائم يمكن أن تؤدي جميعها إلى رفع مستويات التوتر والقلق، وبالتالي ستعاني من الإنهاك والإرهاق وتدني الرضا الوظيفي. رسم حدود واضحة وإقامة توازن بين العمل والحياة الشخصية سوف يساعدك على تقليل التوتر وتحسين صحتك النفسية.
زيادة الإنتاجية
إن أخذ إجازة للتركيز على الحياة الشخصية يمكن أن يزيد فعلاً من الإنتاجية في العمل. غالباً ما ستزيد إنتاجيتك ومستوى انخراطك في العمل عندما تكون مرتاحاً ومفعماً بالنشاط وتشعر بالسعادة. فقد أظهرت الأبحاث أن الموظفين الذين يحافظون على توازن جيد ما بين العمل والحياة الخاصة هم أكثر إبداعاً وتركيزاً وحماساً.
تعزيز العلاقات
التوازن الصحي بين العمل والحياة الشخصية يساعد أيضاً في تحسين العلاقات الاجتماعية. فالشعور بالضغط والإجهاد يمكن أن يؤدي إلى العصبية وتقلبات المزاج وحدوث الخلافات في العلاقات الشخصية. لكن تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعملية سيمكنك من تعزيز علاقاتك الشخصية وتحسين درجة الرضا العام في الحياة.
نصائح لتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعملية
وضع حدود والالتزام بها
الخطوة الأولى نحو تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية تكمن في وضع حدود واضحة والالتزام بها. هذا يعني أن تحدد أوقات معينة للعمل وأخرى للأنشطة الشخصية والالتزام بها. على سبيل المثال، إذا كان عملك ينتهي الساعة الخامسة مساءً، اجعل هدفك الانصراف من العمل في الموعد المحدد وتجنب تفقد البريد الإلكتروني أو تلقي مكالمات العمل بعد انتهاء الدوام.
تخصيص وقت للعناية بالذات
العناية بالنفس مهمة جداً لتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعملية. لذلك احرص على أن تخصص وقتاً للنشاطات التي تمدك بالمتعة والاسترخاء مثل الهوايات أو الرياضة أو حتى أخذ حمام طويل. يمكن لنشاطات العناية بالذات أن تساعد في إعادة شحن الطاقة وتحسين الصحة والعافية بشكل عام.
ترتيب الأولويات
ترتيب المهام بحسب الأولوية أمر رئيسي للوصول إلى التوازن بين العمل والحياة الشخصية. وذلك عن طريق تحديد المهام الأكثر أهمية وإتمامها أولاً. كما يمكن تحقيق ذلك من خلال تفويض المهام الأقل أهمية أو التي يستطيع شخص آخر القيام بها.
استخدام كلمة ’ لا‘
معرفة كيفية الرفض بالشكل المناسب ضرورية جداً لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية. هذا يعني أن تكون مرتاحاً مع الحدود التي وضعتها ورفض أي عمل أو نشاط اجتماعي يتعارض مع الوقت المخصص لحياتك الشخصية، وكذلك طلب المساعدة عند الحاجة وعدم تولي مهام أكثر من اللازم دفعة واحدة.
الابتعاد عن التكنولوجيا
فصل العمل عن الحياة الشخصية أصبح أكثر صعوبة بسبب ارتباطنا بالوسائل التكنولوجية المختلفة. من المهم أن تبتعد عن الهاتف الجوال أو اللابتوب في الوقت المخصص للحياة الشخصية لتحصل على توازن صحي بين الحياة والعمل. هذا يعني أن تتجنب تفقد بريد العمل الإلكتروني أو الرد على مكالمات العمل أثناء وقتك الخاص. كما يعني أيضاً إيقاف تشغيل جميع أجهزتك لوقت قصير ريثما تعيد شحنها وتستعيد نشاطك أنت أيضاً.
خلاصة القول، يقدم العمل عن بُعد فوائد عديدة لكل من الموظفين وأصحاب العمل. بالتالي، لا عجب أن تتوجه المزيد من الشركات نحو تبني سياسة العمل من المنزل لما يقدمه من زيادة للمرونة وتوفير للنفقات وتحسين للإنتاجية. لذلك من المتوقع أن يصبح العمل عن بُعد أكثر انتشاراً في السنوات المقبلة مع التطور المستمر للتكنولوجيا. وكلما زاد ذلك أصبح من المهم أن تتذكر أن تحقيق هذا التوازن هو عملية متواصلة تتطلب بذل الجهد والمثابرة، لكن مع الممارسة والالتزام سوف تتمكن من تحقيق حياة متوازنة ومرضية.