مشاكل المكتب التقليدي

الحل ليس في تجاهل المشاكل المكتبية!

لقد أصبح العمل المكتبي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية المقيدة بعالم محكوم بالتكنولوجيا، إلا أن تبعات إهمال المشاكل المتعلقة به قد تكون جسيمة. يمكن لمساحة العمل ذات العيوب الهندسية والتصميم الرديء أن تتسبب بمشاكل صحية عديدة تؤدي بدورها إلى عرقلة الإنتاجية.

تضم المشاكل المكتبية طائفة من الأمور نذكر منها اضطرابات الجهاز الحركي وإجهاد العين والإرهاق. إن قضاء ساعات طويلة بوضعيات غير مريحة يمكن أن يؤدي إلى آلام في الظهر والرقبة والتعرض لإصابات بسبب الإجهاد المتكرر والمعاناة من تعب المعصمين والكتفين. أضف إلى ذلك أن التحديق المستمر في الشاشة يمكن أن يسبب إجهاد العين والصداع وصعوبة التركيز.

نستعرض في هذه المقالة المشاكل الشائعة المتعلقة بالمكاتب وعواقب تجاهلها ونقدم حلول عملية لخلق بيئة عمل مريحة.

المشاكل المكتبية

تفهم المشاكل المكتبية

تُعد بيئة العمل الرديئة من الأمور الرئيسية المتعلقة بالعمل المكتبي. عندما تكون أماكن العمل غير مجهزة بشكل صحيح يدعم الجسد، فإنها سوف تتسبب باضطرابات الجهاز الحركي. كما أن عدم اتساق العمود الفقري مع المعصمين والكتفين يمكن أن يؤدي إلى حدوث آلام مزمنة وإنزعاج ويحد من القدرة على الحركة. تُعتبر آلام الرقبة والظهر ومتلازمة النفق الرسغي والتهاب الأوتار من بين أكثر الحالات الناتجة عن بيئة العمل السيئة.

من المشاكل الشائعة أيضاً مشكلة إجهاد العين، حيث يمكن أن يسبب التحديق في شاشة الكمبيوتر لفترات متواصلة الجفاف وتشوش الرؤية والصداع. كما أن التعرض المستمر للإضاءة الاصطناعية وإجهاد عضلات العين يمكن أن يؤدي إلى مشاكل عينية طويلة المدى إذا لم تتم معالجتها.

فضلاً عن ذلك، غالباً ما ينطوي العمل المكتبي على الجلوس لفترات متواصلة، الأمر الذي يمكن أن يؤثر سلباً على الصحة بشكل عام. حيث تم ربط السلوك الخامل بارتفاع خطورة الإصابة بالسمنة وأمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة. كما يمكن أن يؤدي نقص الحركة والنشاط البدني إلى انخفاض مستويات الطاقة وتراجع الإنتاجية.

 

عواقب تجاهل المشاكل المكتبية

من العواقب الأساسية لتجاهل المشاكل المكتبية ارتفاع خطورة الإصابة باضطرابات الجهاز الحركي. عند تجاهل العلامات التحذيرية لبيئة العمل الرديئة ومع استمرار العمل في وضعيات غير مريحة، سوف ترزح أجسادنا تحت ضغط كبير لا داعي له. وهذا من شأنه أن يؤدي مع مرور الوقت إلى الإصابة بآلام مزمنة وصعوبة بالحركة وحتى إلى تعرض العضلات والمفاصل والأربطة لأذية دائمة. قد ينشأ عن تجاهل هذه المشاكل معاناة طويلة تستدعي التدخل الطبي.

من العواقب الأخرى أيضاً التأثير السلبي على الإنتاجية والكفاءة، حيث يمكن للإنزعاج والألم أن يحد وبشكل كبير من القدرة على التركيز والانتباه للمهام.

أضف إلى ذلك أن التغافل عن المشاكل المكتبية يعني خطر تفاقم المشكلة وإطالة أمد التعافي. فالأمر الذي يبدأ كإنزعاج طفيف أو إرهاق عَرَضي يمكن أن يتطور بسرعة ليصبح حالة أكثر خطورة إذا بقيت دون علاج. من خلال اتباع النهج الاستباقي ومعالجة هذه المشاكل في وقت مبكر، نستطيع أن نمنع حصول المزيد من المضاعفات وضمان التمتع ببيئة عمل أكثر صحة واستدامة.

 

معالجة إجهاد العين والإرهاق

في خضم عالمنا الرقمي، أصبح النظر إلى الشاشات لفترات متواصلة أمر حتمي في حياة الكثير من الناس. إلا أن هذا التعرض المستمر للشاشات يمكن أن يؤدي إلى إجهاد العين والإرهاق. لذلك من الضروري فهم كيفية معالجة هذه المشاكل للحفاظ على صحة العينين وبالتالي الحفاظ على أفضل إنتاجية ممكنة.

من الاستراتيجيات الفعالة للحد من إجهاد العين تعديل ظروف الإضاءة. إن السطوع أو الإضاءة القوية أو الوهج الزائد يمكن أن يصيب العينين بإجهاد لا داعي له. من الأفضل التأكد أن يكون مكان العمل ذو إضاءة جيدة وهادئة ومنتشرة مع تجنب وضع الشاشة أمام النافذة مباشرةً أو غيرها من مصادر الضوء القوية. كما أن استخدام الستائر للتحكم بمقدار الضوء الداخل إلى الغرفة يُعد من الخيارات الجيدة.

تُعتبر قاعدة 20-20-20 من التقنيات المفيدة لمقاومة إجهاد العين. وهي تقوم على أخذ استراحة لمدة 20 ثانية للنظر إلى أي شيء يبعد عنك بمقدار 20 قدم تقريباً بعد العمل لمدة 20 دقيقة. سوف يساعد هذا التمرين على استرخاء عضلات العين وتقليل الإجهاد الناتج عن التحديق بالشاشة لفترات متواصلة.

ارتداء النظارات الخاصة بالكمبيوتر سيكون مفيداً بالنسبة للأشخاص الذين يمضون وقت كبير بالعمل على أجهزة الكمبيوتر. حيث تم تصميم هذه النظارات خصيصاً للحد من إجهاد العين وتصفية الضوء الأزرق الضار المنبعث من الشاشات. إنها توفر تجربة نظر أكثر راحة وتساعد على التخفيف من أعراض إجهاد العين الرقمي.

إضافةً إلى هذه الإجراءات، يمكن لاستخدام القطرات العينية المرطبة أن يساعد في التخفيف من الجفاف والإنزعاج المترافق مع النظر الطويل إلى الشاشات. حيث توفر هذه القطرات راحة فورية وتحافظ على رطوبة وانتعاش العينين أثناء النهار.

تذكر، أنه من الضروري أن تمنح عينيك فترات استراحة منتظمة وممارسة عادات صحية أثناء النظر إلى الشاشة. إن إدراج استراحات قصيرة لراحة العينين وتكرار الرمش لمنع الجفاف وتعديل السطوع والتباين على الشاشة يمكن أن تساهم جميعها بتقليل إجهاد وإرهاق العين.

 

ممارسة عادات صحية

أثناء تجهيز بيئة العمل المريحة من الضروري معالجة المشاكل المكتبية وممارسة عادات صحية تتعدى التجهيز المادي لمكان العمل. فهي تتضمن إدراج ممارسات تتعلق بنمط الحياة من شأنها تعزيز السلامة العامة والتصدي للتأثيرات السلبية المرافقة للعمل المكتبي. فيما يلي بعض العادات الصحية الأساسية:

التوازن بين العمل والحياة

 

الموازنة بين العمل المكتبي والنشاط البدني:

مواجهة الطبيعة الخاملة للعمل المكتبي عن طريق إدراج نشاط بدني منتظم ضمن الروتين، مثل أخذ فترات استراحة للتمدد أو التجول في الأرجاء مع إدخال التمارين الرياضية ضمن الجدول اليومي.

الطعام الصحي:

الالتزام بحمية غذائية متوازنة تغذي الجسد والابتعاد عن تناول الوجبات الخفيفة الضارة والأغذية المصنعة خلال ساعات العمل. واللجوء بدلاً من ذلك إلى الوجبات الغنية بالعناصر الغذائية التي تحتوي على الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون. والحفاظ على الترطيب من خلال شرب كميات كافية من الماء أثناء اليوم.

الاسترخاء واستراحات اليقظة الذهنية:

من خلال أخذ استراحات واعية من العمل للإسترخاء والتجدد.

الحفاظ على وضعية جسد سليمة:

الانتباه إلى وضعية الجسد أثناء العمل من ناحية الجلوس باستقامة والحرص على اتساق الظهر مع الرقبة والكتفين، والاستعانة بوسائل الدعم المريحة مثل وسائد أسفل الظهر أو مساند القدمين للحفاظ على وضعية مريحة وطبيعية، مع تفقد اتساق وضعية الجسد بانتظام أثناء اليوم والقيام بالتعديلات عند الضرورة.

نصائح للعاملين عن بُعد

  لقد أصبح العمل عن بُعد متزايد الانتشار في عصرنا الرقمي، لأنه يقدم المرونة والحرية للأفراد حول العالم. إلا أن العمل من المنزل أو غيره من البيئات غير التقليدية يفرض تحديات استثنائية. فيما يلي بعض النصائح القيّمة للعاملين عن بُعد لتحسين الإنتاجية والصحة:

بيئة عمل مريحة

تجهيز مكان مخصص للعمل:

تخصيص منطقة معينة في المنزل لتكون بمثابة مكتب، لآن إعداد مكان منفصل ومنظم يساعد في وضع فاصل ذهني بين العمل والحياة الشخصية. الحالة المثالية تقتضي اختيار منطقة هادئة تحتوي على الحد الأدنى من المشتتات والحرص على وجود التجهيزات والموارد الضرورية في متناول اليد.

وضع روتين محدد:

التخطيط اليومي من خلال اتباع روتين ثابت. مثل بدأ العمل والانتهاء منه في أوقات محددة وأخذ فترات استراحة منتظمة وتخصيص وقت لتناول الوجبات والقيام بالتمارين والنشاطات الشخصية. إن اتباع الروتين يعزز الإنتاجية ويساعد على إدارة الوقت بفعالية ويحافظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

تأنق لتشعر بالفرق:

بالرغم من أن العمل عن بُعد يسمح بارتداء ملابس مريحة أكثر، إلا أن ارتداء الثياب وكأنك ذاهب إلى العمل يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على طريقة تفكيرك وإنتاجيتك. ارتداء ملابس مريحة ومناسبة للعمل في نفس الوقت يمكن أن يمدك بالمزيد من التركيز والتحفيز.

 تحديد أوقات معينة:

التصريح بوضوح عن الأوقات التي ستكون متاح فيها مع أفراد العائلة أو الأصدقاء للتقليل من المقاطعة أثناء ساعات العمل. أيضاً، تحديد وقت معين للزملاء من خلال وضع توقعات منطقية للرد عليهم. والأهم تجنب الإفراط في العمل من خلال وضع العناية بالنفس في المقام الأول لتفادي الشعور بالإنهاك.

الحفاظ على التواصل:

يمكن للعمل عن بُعد أن يشعرك بالعزلة أحياناً، لذلك ابذل جهدك لتبقى على تواصل مع زملائك. تواصل بانتظام بواسطة الاجتماعات الافتراضية أو منصات الدردشة أو المكالمات الهاتفية. شارك في التفاعلات الاجتماعية سواءً المتعلقة بالعمل أو غير الرسمية لتعزز إحساس الانتماء وروح الفريق.

الاستفادة من التكنولوجيا:

الاستثمار في الحصول على برمجيات وتقنيات موثوقة تدعم العمل عن بُعد، والحرص على توفير اتصال ثابت بالانترنت والاستفادة من أدوات إدارة المشاريع والتعرف على كيفية استخدام منصات المؤتمرات المرئية لأنها تساعد على تسهيل التواصل والتعاون السلس مع الزملاء.

استغلال المرونة:

يوفر العمل عن بُعد ميزة المرونة، لذلك من الجيد استغلال هذه المرونة لإنشاء جدول عمل يتوافق مع الساعات التي تكون فيها أكثر إنتاجية.

ممارسة الانضباط الذاتي:

يتطلب العمل من المنزل الانضباط والتحفيز الذاتي. مما يساعد على ذلك وضع الأهداف وتحديد المهام ذات الأولوية والتركيز في العمل. وأيضاً التقليل من المشتتات عن طريق إغلاق الإشعارات الخاصة بالتطبيقات التي لا تخص العمل وإنشاء بيئة تساعد على التركيز.

 

في الختام، قد تنشأ تحديات إضافية بالنسبة للعاملين عن بُعد، لكن تطبيق الاستراتيجيات المناسبة سيعزز الإنتاجية والصحة. تذكر أن الصحة تؤثر بشكل مباشر في قدرتنا على تقديم أفضل ما لدينا. لذلك، لنضع صحتنا في مقدمة أولوياتنا ونستثمر في الحصول على مكان عمل مريح ونمارس عادات صحية لنضمن أن يساهم عملنا المكتبي في تحقيق سعادتنا ونجاحنا بشكل عام. اتبع الخطوات الضرورية اليوم لتصنع مكان عمل يعزز صحتك وإنتاجيتك وسلامتك على المدى الطويل.