أصبح الجلوس هو العادة السائدة في عالمنا المتحضر الذي نعيشه اليوم، لذلك لن تكون هناك مبالغة عندما نشدد على أهمية الوقوف. للوقوف أثناء مزاولة النشاطات اليومية فوائد كبيرة على الصحة سواءً في العمل أو المنزل أو أي مكان آخر. لا يساعد الوقوف على محاربة الآثار السلبية الناتجة عن الجلوس المتواصل فحسب، وإنما يعزز أيضاً الإنتاجية ويحسّن الصحة العامة. سوف نستعرض في هذا المقال فوائد الوقوف وتأثيراته الإيجابية على الصحة والأساليب العملية التي تساعد على إدراج الوقوف ضمن عاداتنا اليومية.
-
الوقوف من أجل صحة أفضل وعمر أطول
بإمكانك أن تعتبر نفسك من الأشخاص الذين يدركون فعلاً أهمية الوقوف إذا تلقيت نكزة لطيفة من ساعتك الذكية تذكرك فيها بالوقوف بعد الجلوس لوقت طويل. يقول كريستوفر ترافيس اختصاصي فيزياء التمارين في عيادة كليفلاند للصحة الرياضية أن الوقوف لثلاث ساعات تقريباً في اليوم يمكن أن يساهم في الحصول على حياة أطول وأكثر صحة. تشير الأبحاث كذلك أن الكثير من البالغين يقضون ثمان ساعات منهكة يومياً وهم جالسون، باستثناء أوقات الذهاب للعمل وأوقات الفراغ، مما يؤكد على ضرورة التغيير.
ينطوي الوقوف على فوائد صحية عديدة يمكنها تحسين الصحة العامة بشكل كبير. فهو يساعد على تخفيض مستويات السكر في الدم ويحد من خطورة الإصابة بأمراض القلب ويخفف التوتر والإرهاق المترافق مع الجلوس لفترة طويلة. فضلاً عن ذلك، يعزز الوقوف تنشيط العضلات بشكل أكبر ويزيد حرق السكريات ويحسّن الحساسية من الأنسولين ويدعم صحة القلب على المدى الطويل. حتى أن للوقوف تأثيرات إيجابية على صحة الدماغ والذاكرة من ناحية محاربة مشاكل شيخوخة الأعصاب مثل تراجع الذاكرة.
-
الاستراتيجيات العملية لممارسة الوقوف أكثر
بعد اطلاعنا على فوائد الوقوف الجمّة، لنستعرض معاً الأساليب العملية لممارسة الوقوف أكثر في حياتنا اليومية، فقد أصبح من المهم أن نجعل الوقوف عادة لدينا بدلاً من القيام به من حين لآخر. إليك فيما يلي بعض الاستراتيجيات لمساعدتك على تحقيق ذلك:
- تثبيت العادة
يتضمن تثبيت العادة إدخال الوقوف إلى النشاطات التي تقوم بها فعلياً. على سبيل المثال، يمكنك الوقوف أثناء إعداد فنجان من القهوة أو عند إعادة تعبئة قارورة المياه أو أثناء الانخراط في محادثة مع زملاء العمل. عند ربط الوقوف مع عاداتك السابقة، سيسهل عليك الحفاظ على روتين ثابت.
- الاستثمار في مكاتب الوقوف وأجهزة تتبع اللياقة البدنية
فكر بشراء مكتب وقوف لما له من فوائد في تحسين الإنتاجية وتقليل السلوك الخامل. أجهزة تتبع اللياقة البدنية مثل خاتم أورا أو فِت بِت أو ساعة آبل يمكن أن تكون أدوات تذكير فعالة تساعدك على الوقوف بشكل منتظم. تشير الدراسة التي أجرتها شركة آبل عن القلب والحركة أن إشعارات التذكير بالوقوف في ساعة آبل تزيد من احتمالية الوقوف بما يقارب 50% مما يجعلها من الأدوات المفيدة للتشجيع على الحركة.
- تعيين رسائل تذكير كل ساعة
إذا لم تكن مكاتب الوقوف أو أجهزة تتبع اللياقة البدنية من الخيارات الممكنة، تستطيع الاعتماد على هاتفك لتعيين رسائل تذكير كل ساعة. سوف تحثك هذه التذكيرات على أخذ استراحات قصيرة من وضعية الجلوس وممارسة الوقوف أو التمارين الخفيفة لبضع دقائق. قم بزيادة مدة هذه الاستراحات تدريجياً مع الوقت لتعمل على بناء روتين الوقوف الخاص بك.
- ممارسة تمارين الحركة
صحيح أن الوقوف لوحده يقدم فوائد كبيرة، إلا أن إدخال تمارين الحركة يمكن أن يحسن صحتك العامة بشكل أكبر. حيث يمكنك ممارسة التمارين البسيطة بشكل متقطع أثناء اليوم مثل الاندفاع ورفع الساق والقرفصاء وتمارين الضغط الخلفية بالاستعانة بالكرسي وتمارين الضغط المائلة بالاستعانة بالمكتب والتمدد. ابدأ بمدة قصيرة كأن تقوم بالتمرين لخمس عشرة دقيقة كل ساعة، ومن ثم ارفع المدة تدريجياً مع ازدياد قوة تحملك.
- التوصيات والتجارب الشخصية
إن التجارب الواقعية قادرة على تقديم أفكار ثمينة فيما يخص فوائد الوقوف. حيث أفاد الكثير من الأفراد الذين انتقلوا إلى استخدام مكاتب الوقوف أو أصبحوا يمارسون الوقوف أكثر في روتينهم اليومي بحصول تغييرات إيجابية في بيئة العمل وصحتهم العامة. كما لاحظ أحد الأشخاص الذي شارك تجربته في استبدال الكرسي بمكتب وقوف تراجع ألم الظهر بشكل كبير وتزايد عدد الخطوات التي يمشيها يومياً وتحسن الانتباه وزيادة الإنتاجية.
تتوفر مكاتب الوقوف بأشكال متنوعة وأسعار مختلفة مما يجعلها متاحة أمام مختلف الميزانيات والأذواق. لقد أدرك كل من ليوناردو دافنشي وبنيامين فرانكلين وتوماس جيفرسون ووينستون تشرشل وغيرهم من الشخصيات البارزة عبر التاريخ فوائد مكاتب الوقوف وأكدواعلى أهميتها الدائمة.
باختصار، الدليل واضح أمامنا: الوقوف أكثر من الجلوس مهم للصحة وطول العمر والسلامة عموماً. سوف نتمكن من محاربة التأثيرات السلبية الناتجة عن الجلوس المستمر وتحسين الدورة الدموية وتقوية العضلات وزيادة الإنتاجية وتحسين الصحة النفسية والجسدية من خلال بذل الجهود الواعية لممارسة الوقوف أكثر ضمن الروتين اليومي. إذاً، لم لا نأخذ موقفاً حاسماً تجاه صحتنا وننضم إلى الحركة المتنامية الداعية إلى تبني قوة الوقوف؟